المرأة الثانية... ما زلت ألجأ إلى العزلة..!!
لم تكن حياتي صاخبة، بل كغيري من الفتيات يعشن الركود العاطفي والاجتماعي في مدينتي الصغيرة المغلقة القريبة من البحر..
يمتلئ بيتنا أياما كثيرة في الأسبوع بالأقارب والناس.. وبين المطبخ وغرفة الاستقبال كان معظم وقتي..
كنت أمتلك العديد من الصديقات، وكنا نتزاور، وكنّ يضحكن، وكنتُ أستمع.. وكنّ يحكين، وكنتُ أبتسم وأهز رأسي..
أحببن صحبة بعضهن البعض لجمال أحاديثهن ومرحها، وأحببنني أنا لأنني أستمع..وحين أرغب بالحديث عن نفسي، لم أكن أجيد الكلام، لكنني أجيد العزلة..
عندما تزوجت أختي الكبرى قالت لي أم صهرنا الجديد: ما أجملك! .. فاحمرت وجنتاي.. وكنت أريد أن أقول عبارة مجاملة.. لكن عبثا كنت أحاول.. كل ما فعلته هو التفكير في جملتها طويلا واستعادتها لذهني ألف مرة بينما كنت وحيدة في غرفتي..
وحين سمعتها تهمس لأمي بكلمات لم أفهمها وتنظر إلي باسمة، كنت أعرف أنها تخطبني لابنها الأصغر.. كنت خائفة وقلقة مع شيء غير قليل من الخجل والسعادة..
كان في استطاعتي التعبير بشكل جيد لنفسي، وكنت أحادثها مطولا عن كل تفصيل يختلج قلبي، وكنت أقول أحيانا: سيكون لقلبي رفيق بعد الآن.. وعندما ارتبطت بذلك الرفيق.. بقي قلبي يخفق ولساني صامتا..
سمعت أبي يوما يقول: إذا فقدتْ المرأة لسانها كانت أجمل.. فلماذا أنظر الآن إلى المرآة فأراني لم أعد جميلة؟!..
حين ألجأ الآن إلى عزلتي أجدها قد امتلأت بضباب حزين بحجم مديتني الصغيرة المغلقة القريبة من البحر..
إرسال تعليق